okaz_online@
لم يخرج حي وادي النمل في الطائف من ذاكرة الزمن، وإنما ظل يتسيدها سواء بتفاصيل تكشف العمق التاريخي له، بما احتواه من كثافة سكانية ظلت تقبع شرقي المحافظة، أو حتى بالصورة القاتمة التي وضعت الحي في قالب زجاجي، يقذفه كل من أراد وكل من هب ودب، فأصبح ينهار على ساكنيه ومن هم يعرفون قيمته.
وإذا حضر وادي النمل، تطايرت للمسامع عبارة واحدة تثير التعجب حول من خلفها، فيدعون أنه «حي الجريمة»،
وألبسوه ثوب البشاعة التي ترهب من يقترب منه، لتنحصر سيرة الحي طيلة السنوات الماضية خلف رؤية تفتقر للموضوعية وتجافي الواقع.
ولأن للحقيقة زوايا متعددة انطلقت «عكاظ» في رحلة استقصائية نحو الحي المصنف كـ «عشوائي» لتصوير المشهد بدقة وتجمع المعلومات من داخله ممن عاشوا تفاصيله الماضية.
الصورة الراسخة في ذاكرة السكان
يجزم أهالي وادي النمل ممن التقتهم «عكاظ» أن واقعهم يختلف تماما عما يشاع ويتردد، وأجمعوا على أنه «ثمة تفاصيل لم يحط بها الكثير تتمثل في أن للحي جانبا مضيئا غاب خلف سديم الآراء المغلوطة المبنية في الغالب على معطيات مستجلبة ساهمت في تصويره كبؤرة توتر ومرتع للجريمة، فاتسعت دائرة التشويه وتوارثت المفاهيم وتجاوزت القصص المنسوجة عنه (خياليا) حدود المكان لتخفي خلفها واقعا مختلفا».
سألناهم ما إذا كان في تاريخ الحي معطيات تسببت في هذه الصورة القاتمة؟ فأجابوا بأن «تاريخ وادي النمل لم يكن بالغ السرية أو على درجة من الحساسية وإنما كان قابعا تحت وطأة مفاهيم قاصرة ونظرة استعلائية بالغت في تضخيم الإشكاليات حد طمس الحقائق، متجاهلة الثراء التاريخي والتنوع الثقافي المستمد من المكونات العرقية التي تعايشت فيما بينها كنسيج واحد وتشاركت في مواجهة مختلف الظروف، إذ يحمد له التاريخ منجز التعايش».
واتفق بعض سكان الحي على أن «من مخرجات الحي أسماء تنشط على خط التميز في عدة مجالات مثل القطاعات الأمنية والتعليم، والصحة، والإعلام وغيرها، ونماذج يقتدى بها ورموز وطنية يشار لها بالنخب».
انتقلنا من صفحة الاستقصاء الجماعي إلى مرحلة الشرح الدقيق، إذ فضل المواطن إدريس بكر هوساوي أن يشرح التفاصيل عن سيرة الحي، الذي يظهر جليا مدى التأثر بعوامل التغيير التي طرأت على ملامح المكان بينما يفوح منه عبق الزمان.
يقول هوساوي «تعود نشأة حي وادي النمل إلى عهد الملك فيصل بن عبد العزيز، رحمه الله وطيب ثراه عام 1964 تقريباً، وقد سكن الحي في بادئ الأمر 31 أسرة من الجالية النيجيرية في الجهة الشمالية من الحي و60 أسرة تقريباً من الجالية اليمنية سكنت في الجهة الجنوبية من الحي وعائلة واحدة من الجالية البنغالية وثلاث أسر سعودية سكنت في وقت لاحق، وقد نشأ الحي بشكل عشوائي كما هو الحال في قيام الأحياء العشوائية».
وأضاف «في أواخر عهد الملك خالد بن عبد العزيز، رحمه الله، انتقلت أسر سعودية قادمة من جنوب المحافظة ومن جهات أخرى للسكن في الجهة الشرقية من الحي، وكان تشييد البيوت بشكل عشوائي وسريع حتى أصبح المواطنون في فترة وجيزة يشكلون 80% تقريباً من سكان الحي، وما زال التوسع مستمرا في بعض جهاته».
سألناه هل كان ثمة تعايش بين السكان؟ يقول هوساوي «نعم في البداية كان هناك تعايش وانسجام بين مختلف سكان الحي على اختلاف أعراقهم وجنسياتهم لمحدودية عددهم وتقارب المساكن وبساطة نمط الحياة في ذلك الوقت، إلا أنه بعد ذلك تبدل الأمر وتغير شيئاً فشيئاً وخاصة بعد الخروج الجماعي للجالية اليمنية من الحي والعودة لبلادهم لأسباب تتعلق بهم».
وأضاف «قام مجموعة من المواطنين من داخل وخارج الحي بشراء المنازل التي كان يقطنها اليمنيون، وأجرت على جاليات أخرى بينهم مخالفون لأنظمة الإقامة والعمل، وربما كانت هذه هي الشرارة الأولى لتدفق المخالفين وبداية المتاعب لحي وادي النمل، إذ بدأ بشكل تدريجي خروج الأسر التي كانت تسكن منذ قديم الزمان ولم يبق منهم إلا القليل جدا بنسبة لا تتعدى 2% تقريبا من إجمالي السكان القدامي».
ويعترف هوساوي بأن «التعايش في الحي حاليا أمر يصعب أن يقال عنه إنه على ما يرام»، وقال «لكنه مع ذلك لم يصل لدرجة السوء والسوداوية التي يتصورها البعض وتتناقلها بعض وسائل الإعلام».
ويتداخل أبو عمر ليروي صفحة من تاريخ وادي النمل، ويقول «الحي مر بمرحلتي تأسيس، ففي البداية شيد على أرض يجهل السكان أنها تعود لملكية خاصة، ثم انتقلوا إلى الموقع الحالي الذي كان في الأصل آنذاك مكبا صحيا ليتشكل بصورته الحالية وكان يتركز فيه عرقيات مختلفة تعايشت فيما بينها وتداخلت كالأسرة الواحدة، فلم يكن هناك تمايز، وكانت البساطة في الحياة والعفوية في التعامل».
سألناهما ما إذا ساهم عنصر الزمن والتحول السريع في طمس تاريخ الحي كجزء من محافظة الطائف؟
أجاب هوساوي: «مع أن حي وادي النمل أصبح اليوم من الأحياء الحيوية والإستراتيجية ذات الكثافة السكانية العالية، إلا أنه لم يحظ بالتطور الكبير أو التحسين الجذري كما هو حال بقية الأحياء العشوائية بالمحافظة، فيمكن لزائر الحي أن يرى من خلال مروره من الشارع العام بقايا من (الصنادق) القديمة التي يعود تاريخها لفترة بداية نشأة الحي وما زال يسكنها مجموعة من أسر الجالية النيجيرية التي سكنت حديثاً».
أما أبو عمر فيرى أن «عامل الزمن والتحول السريع ساهم في إعمار الوادي والانتقال به من البدائية المتمثلة في المنازل الشعبية والصنادق إلى العمران بمعناه الحقيقي، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل تغيرت ثقافة الحي وفقا للمستجدات وتسارع وتيرة الحياة».
نماذج مضيئة خريجة الحي
ويدافع هوساوي عن الصورة التي تطارد الحي باعتباره مفرخا للظواهر السلبية، ويقول «ظاهرة الأحياء العشوائية الفقيرة موجودة في كل العالم، حتى في بعض أكثر الدول تقدماً وتحضراً، وبطبيعة الحال ليس كل ما هو موجود أو ما يخرج من الأحياء العشوائية أمرا سيئا، فهذه نظرة قاصرة ومجحفة».
ويضيف «على سبيل المثال حي وادي النمل خرج منه الكثير من النماذج المضيئة المشرفة التي ما زالت إلى اليوم تسهم في بناء الوطن ورقيه فقد خرج من هذا الحي المهندس والمعلم والضابط والجنود التابعون لقطاع الأمن العام أو الجيش وعلماء الدين وغيرهم كثير وبأعداد لا يمكن حصرها، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر المهندس بندر نوح والملازم أحمد بكر والنقيب إسماعيل عبد الكريم وجميل بكر أحد القادة بشركة سابك وعبد المحسن الخالدي قائد مدرسة متميز وحامد ردة من أفراد الجيش السعودي الذين يشاد بهم وعلي الهزازي ضابط في الأمن وغيرهم كثير جدا ممن نعدهم مفخرة لهذا الوطن».
ويؤكد أبو عمر أن حي وادي النمل دفع للمجتمع كفاءات ذات قدرات علمية ونماذج مضيئة في مختلف المجالات نشأت وترعرت في الوادي.
لماذا رحل السكان؟..
أبو عمر: المشكلات ليست سبباً
يرى ابن الحي أبو عمر سببا آخر لرحيل السكان الأصليين من الحي، وقال «الأجيال القديمة رحلت لعدة أسباب فرضتها ظروف العمل أو الدراسة أو رغبة الانتقال إلى المخططات أو الأحياء الراقية، وليس بالضرورة لأسباب تتعلق بوجود الكثير من المشكلات في الحي»، مشيرا إلى أن الحي يمثل نقطة تحول لبعض السكان القادمين من خارج الطائف، وتحديدا منطقة الجنوب الذين يسكنون في الحي لفترة ثم يرحلون إلى الأحياء الأخرى.
وبين أن الظواهر السلبية موجودة في كل مكان وليست مقتصرة على الحي، كما أنه لا أثر في الشوارع وبين الأزقة لتلك المشكلات التي يتحدثون عنها بشكل مبالغ فيه ويتعمدون تضخيمها مجتمعيا وإعلاميا.
هوساوي: طوّروه وستختفي «النيجاتيف»
بات ابن الحي إدريس هوساوي أكثر تشاؤما بالنسبة لمستقبل مشاريع التطوير في الحي والانتقال به من العشوائية إلى التخطيط العشوائي.
وأضاف كلنا سمع بهذا التخطيط من فترة ليست بالقصيرة، وما زلنا ننتظر بفارغ الصبر انطلاق هذا التخطيط بشكل فعلي، هناك مقولة أطلقها مستشار خادم الحرمين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير المتألق خالد الفيصل، وقال فيها تطوير الإنسان والمكان، وأنا على قناعة بأنه لا يمكن الفصل بين تطوير الإنسان والمكان، تطوير الإنسان من أجل القضاء على الجهل والفقر وغرس القيم، وتطوير المكان من أجل أمن الإنسان وتحسين وضعه الصحي والاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما يحتاجه حي وادي النمل بشدة وبشكل عاجل.
ويجزم هوساوي أن متاعب وادي النمل سوف تختفي إلى الأبد مع انطلاق التطوير العمراني بالتزامن مع التوعية الأمنية والاجتماعية لسكان الحي. واتفق معه عدد من الأهالي على أن الحي علامة فارقة وتاريخه استثناء، واعتماده ضمن مشاريع التطوير والمعالجة بقدر ما هو مطلب ملح بقدر ما يتطلعون لإيجاد حلول لبعض أصحاب الظروف وذوي الدخل المحدود، والنظر لوضعهم حال تنفيذ المشروع سيما أن البعض لا يملك صكوكا للمنازل أو الأراضي لسبب أو لآخر ليحصلوا على تعويضات.
الأمانة: لم يتغير لـ «النخب».. التطوير قادم
أكد المتحدث الإعلامي بأمانة الطائف إسماعيل إبراهيم لـ «عكاظ» أن وادي النمل من المواقع العشوائية التي سيتم العمل على تطويرها ومعالجتها، لافتا إلى أن الموقع ذو كثافة سكانية عالية، وإذا عولجت المنطقة بحسب ما خطط له سيكون له أثر إيجابي من الناحية الأمنية والاجتماعية والاقتصادية.
وعن مسمى «نخب» الذي يطلقه البعض على الحي، وما إذا كان تغير اسمه قال إيراهيم لم يتم تغيير اسم الحي، ولا زال يطلق عليه «وادي النمل».
لم يخرج حي وادي النمل في الطائف من ذاكرة الزمن، وإنما ظل يتسيدها سواء بتفاصيل تكشف العمق التاريخي له، بما احتواه من كثافة سكانية ظلت تقبع شرقي المحافظة، أو حتى بالصورة القاتمة التي وضعت الحي في قالب زجاجي، يقذفه كل من أراد وكل من هب ودب، فأصبح ينهار على ساكنيه ومن هم يعرفون قيمته.
وإذا حضر وادي النمل، تطايرت للمسامع عبارة واحدة تثير التعجب حول من خلفها، فيدعون أنه «حي الجريمة»،
وألبسوه ثوب البشاعة التي ترهب من يقترب منه، لتنحصر سيرة الحي طيلة السنوات الماضية خلف رؤية تفتقر للموضوعية وتجافي الواقع.
ولأن للحقيقة زوايا متعددة انطلقت «عكاظ» في رحلة استقصائية نحو الحي المصنف كـ «عشوائي» لتصوير المشهد بدقة وتجمع المعلومات من داخله ممن عاشوا تفاصيله الماضية.
الصورة الراسخة في ذاكرة السكان
يجزم أهالي وادي النمل ممن التقتهم «عكاظ» أن واقعهم يختلف تماما عما يشاع ويتردد، وأجمعوا على أنه «ثمة تفاصيل لم يحط بها الكثير تتمثل في أن للحي جانبا مضيئا غاب خلف سديم الآراء المغلوطة المبنية في الغالب على معطيات مستجلبة ساهمت في تصويره كبؤرة توتر ومرتع للجريمة، فاتسعت دائرة التشويه وتوارثت المفاهيم وتجاوزت القصص المنسوجة عنه (خياليا) حدود المكان لتخفي خلفها واقعا مختلفا».
سألناهم ما إذا كان في تاريخ الحي معطيات تسببت في هذه الصورة القاتمة؟ فأجابوا بأن «تاريخ وادي النمل لم يكن بالغ السرية أو على درجة من الحساسية وإنما كان قابعا تحت وطأة مفاهيم قاصرة ونظرة استعلائية بالغت في تضخيم الإشكاليات حد طمس الحقائق، متجاهلة الثراء التاريخي والتنوع الثقافي المستمد من المكونات العرقية التي تعايشت فيما بينها كنسيج واحد وتشاركت في مواجهة مختلف الظروف، إذ يحمد له التاريخ منجز التعايش».
واتفق بعض سكان الحي على أن «من مخرجات الحي أسماء تنشط على خط التميز في عدة مجالات مثل القطاعات الأمنية والتعليم، والصحة، والإعلام وغيرها، ونماذج يقتدى بها ورموز وطنية يشار لها بالنخب».
انتقلنا من صفحة الاستقصاء الجماعي إلى مرحلة الشرح الدقيق، إذ فضل المواطن إدريس بكر هوساوي أن يشرح التفاصيل عن سيرة الحي، الذي يظهر جليا مدى التأثر بعوامل التغيير التي طرأت على ملامح المكان بينما يفوح منه عبق الزمان.
يقول هوساوي «تعود نشأة حي وادي النمل إلى عهد الملك فيصل بن عبد العزيز، رحمه الله وطيب ثراه عام 1964 تقريباً، وقد سكن الحي في بادئ الأمر 31 أسرة من الجالية النيجيرية في الجهة الشمالية من الحي و60 أسرة تقريباً من الجالية اليمنية سكنت في الجهة الجنوبية من الحي وعائلة واحدة من الجالية البنغالية وثلاث أسر سعودية سكنت في وقت لاحق، وقد نشأ الحي بشكل عشوائي كما هو الحال في قيام الأحياء العشوائية».
وأضاف «في أواخر عهد الملك خالد بن عبد العزيز، رحمه الله، انتقلت أسر سعودية قادمة من جنوب المحافظة ومن جهات أخرى للسكن في الجهة الشرقية من الحي، وكان تشييد البيوت بشكل عشوائي وسريع حتى أصبح المواطنون في فترة وجيزة يشكلون 80% تقريباً من سكان الحي، وما زال التوسع مستمرا في بعض جهاته».
سألناه هل كان ثمة تعايش بين السكان؟ يقول هوساوي «نعم في البداية كان هناك تعايش وانسجام بين مختلف سكان الحي على اختلاف أعراقهم وجنسياتهم لمحدودية عددهم وتقارب المساكن وبساطة نمط الحياة في ذلك الوقت، إلا أنه بعد ذلك تبدل الأمر وتغير شيئاً فشيئاً وخاصة بعد الخروج الجماعي للجالية اليمنية من الحي والعودة لبلادهم لأسباب تتعلق بهم».
وأضاف «قام مجموعة من المواطنين من داخل وخارج الحي بشراء المنازل التي كان يقطنها اليمنيون، وأجرت على جاليات أخرى بينهم مخالفون لأنظمة الإقامة والعمل، وربما كانت هذه هي الشرارة الأولى لتدفق المخالفين وبداية المتاعب لحي وادي النمل، إذ بدأ بشكل تدريجي خروج الأسر التي كانت تسكن منذ قديم الزمان ولم يبق منهم إلا القليل جدا بنسبة لا تتعدى 2% تقريبا من إجمالي السكان القدامي».
ويعترف هوساوي بأن «التعايش في الحي حاليا أمر يصعب أن يقال عنه إنه على ما يرام»، وقال «لكنه مع ذلك لم يصل لدرجة السوء والسوداوية التي يتصورها البعض وتتناقلها بعض وسائل الإعلام».
ويتداخل أبو عمر ليروي صفحة من تاريخ وادي النمل، ويقول «الحي مر بمرحلتي تأسيس، ففي البداية شيد على أرض يجهل السكان أنها تعود لملكية خاصة، ثم انتقلوا إلى الموقع الحالي الذي كان في الأصل آنذاك مكبا صحيا ليتشكل بصورته الحالية وكان يتركز فيه عرقيات مختلفة تعايشت فيما بينها وتداخلت كالأسرة الواحدة، فلم يكن هناك تمايز، وكانت البساطة في الحياة والعفوية في التعامل».
سألناهما ما إذا ساهم عنصر الزمن والتحول السريع في طمس تاريخ الحي كجزء من محافظة الطائف؟
أجاب هوساوي: «مع أن حي وادي النمل أصبح اليوم من الأحياء الحيوية والإستراتيجية ذات الكثافة السكانية العالية، إلا أنه لم يحظ بالتطور الكبير أو التحسين الجذري كما هو حال بقية الأحياء العشوائية بالمحافظة، فيمكن لزائر الحي أن يرى من خلال مروره من الشارع العام بقايا من (الصنادق) القديمة التي يعود تاريخها لفترة بداية نشأة الحي وما زال يسكنها مجموعة من أسر الجالية النيجيرية التي سكنت حديثاً».
أما أبو عمر فيرى أن «عامل الزمن والتحول السريع ساهم في إعمار الوادي والانتقال به من البدائية المتمثلة في المنازل الشعبية والصنادق إلى العمران بمعناه الحقيقي، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل تغيرت ثقافة الحي وفقا للمستجدات وتسارع وتيرة الحياة».
نماذج مضيئة خريجة الحي
ويدافع هوساوي عن الصورة التي تطارد الحي باعتباره مفرخا للظواهر السلبية، ويقول «ظاهرة الأحياء العشوائية الفقيرة موجودة في كل العالم، حتى في بعض أكثر الدول تقدماً وتحضراً، وبطبيعة الحال ليس كل ما هو موجود أو ما يخرج من الأحياء العشوائية أمرا سيئا، فهذه نظرة قاصرة ومجحفة».
ويضيف «على سبيل المثال حي وادي النمل خرج منه الكثير من النماذج المضيئة المشرفة التي ما زالت إلى اليوم تسهم في بناء الوطن ورقيه فقد خرج من هذا الحي المهندس والمعلم والضابط والجنود التابعون لقطاع الأمن العام أو الجيش وعلماء الدين وغيرهم كثير وبأعداد لا يمكن حصرها، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر المهندس بندر نوح والملازم أحمد بكر والنقيب إسماعيل عبد الكريم وجميل بكر أحد القادة بشركة سابك وعبد المحسن الخالدي قائد مدرسة متميز وحامد ردة من أفراد الجيش السعودي الذين يشاد بهم وعلي الهزازي ضابط في الأمن وغيرهم كثير جدا ممن نعدهم مفخرة لهذا الوطن».
ويؤكد أبو عمر أن حي وادي النمل دفع للمجتمع كفاءات ذات قدرات علمية ونماذج مضيئة في مختلف المجالات نشأت وترعرت في الوادي.
لماذا رحل السكان؟..
أبو عمر: المشكلات ليست سبباً
يرى ابن الحي أبو عمر سببا آخر لرحيل السكان الأصليين من الحي، وقال «الأجيال القديمة رحلت لعدة أسباب فرضتها ظروف العمل أو الدراسة أو رغبة الانتقال إلى المخططات أو الأحياء الراقية، وليس بالضرورة لأسباب تتعلق بوجود الكثير من المشكلات في الحي»، مشيرا إلى أن الحي يمثل نقطة تحول لبعض السكان القادمين من خارج الطائف، وتحديدا منطقة الجنوب الذين يسكنون في الحي لفترة ثم يرحلون إلى الأحياء الأخرى.
وبين أن الظواهر السلبية موجودة في كل مكان وليست مقتصرة على الحي، كما أنه لا أثر في الشوارع وبين الأزقة لتلك المشكلات التي يتحدثون عنها بشكل مبالغ فيه ويتعمدون تضخيمها مجتمعيا وإعلاميا.
هوساوي: طوّروه وستختفي «النيجاتيف»
بات ابن الحي إدريس هوساوي أكثر تشاؤما بالنسبة لمستقبل مشاريع التطوير في الحي والانتقال به من العشوائية إلى التخطيط العشوائي.
وأضاف كلنا سمع بهذا التخطيط من فترة ليست بالقصيرة، وما زلنا ننتظر بفارغ الصبر انطلاق هذا التخطيط بشكل فعلي، هناك مقولة أطلقها مستشار خادم الحرمين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير المتألق خالد الفيصل، وقال فيها تطوير الإنسان والمكان، وأنا على قناعة بأنه لا يمكن الفصل بين تطوير الإنسان والمكان، تطوير الإنسان من أجل القضاء على الجهل والفقر وغرس القيم، وتطوير المكان من أجل أمن الإنسان وتحسين وضعه الصحي والاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما يحتاجه حي وادي النمل بشدة وبشكل عاجل.
ويجزم هوساوي أن متاعب وادي النمل سوف تختفي إلى الأبد مع انطلاق التطوير العمراني بالتزامن مع التوعية الأمنية والاجتماعية لسكان الحي. واتفق معه عدد من الأهالي على أن الحي علامة فارقة وتاريخه استثناء، واعتماده ضمن مشاريع التطوير والمعالجة بقدر ما هو مطلب ملح بقدر ما يتطلعون لإيجاد حلول لبعض أصحاب الظروف وذوي الدخل المحدود، والنظر لوضعهم حال تنفيذ المشروع سيما أن البعض لا يملك صكوكا للمنازل أو الأراضي لسبب أو لآخر ليحصلوا على تعويضات.
الأمانة: لم يتغير لـ «النخب».. التطوير قادم
أكد المتحدث الإعلامي بأمانة الطائف إسماعيل إبراهيم لـ «عكاظ» أن وادي النمل من المواقع العشوائية التي سيتم العمل على تطويرها ومعالجتها، لافتا إلى أن الموقع ذو كثافة سكانية عالية، وإذا عولجت المنطقة بحسب ما خطط له سيكون له أثر إيجابي من الناحية الأمنية والاجتماعية والاقتصادية.
وعن مسمى «نخب» الذي يطلقه البعض على الحي، وما إذا كان تغير اسمه قال إيراهيم لم يتم تغيير اسم الحي، ولا زال يطلق عليه «وادي النمل».